القديس الأنبا امونى

القديس الأنبا امونى
"عهدا قطعت على نفسى فكيف أتطلع الى عذراء".

إن من يريد الحياة ويرث الملكوت السماوى فليأت ويغير من عبادة هذا القديس الذى يشبه الملائكة فى حياته ، هذا المجاهد الذى أرسى سفينته على الميناء الأمين ، هذا الصياد الماهر الذى يصيد الناس للملكوت ، القديس الفاضل بكل نوع الأنبا أمونى الذى من جبل تونه الذى أكمل سعيه الطاهر فى العشرين من شهر بشنس.

كان هذا القديس وهو من بيت آبائه تفيض عليه نعمة البتولية الطاهرة ، وفى ذات ليلة بينما هو نائم بعد أن صلى ، وإذا إنسان منير شبه راهب واقف الى جواره يقول له "ياأمونى كيف أنت ساكن والقديسون يجاهدون وينالون الإكليل الذى لا يضمحل ، ألا تعلم أن هذا الزمان لا يدوم الى الأبد لكنه يعبر مثل الظل والحلم ، إن أباك قد مات وأنت ستموت؟! أما تعلم أن كل انسان ينتقل من هذا العالم؟ أما تعلم أن المنبر المرهوب مبسوط وجميع الناس سيدانون عما فعلوا فى هذا العالم ولابد أن يعطى كل انسان الجواب عما فعله؟ .. فطوبى للانسان الذى يجاهد ههنا مادام الجهاد مبسوطا قبل أن يدخل
العريس الى خدره ويغلق الباب وفى ذلك الوقت يحصد الانسان ماقد زرع ، طوبى لمن يتعب فى هذا العالم فإنه يستحق الدخول الى مدينة الله ويقبلوه فيها بفرح وتهليل".
فعندما سمع الانبا امونى هذا سجد على قدميه ، وقال له أسألك ياسيدى تعرفنى من أنت؟
فأجاب الشخص المنير : إن قلت إنك ستصير راهب أعرفك إسمى!

فأجاب الأنبا أمونى الذى لم يكذب قط قائلا: صدقنى إنى أريد أن أكون راهب ولكن أبى وأمى منعانى ، ولكن بنعمة المسيح سأصير راهبا وإن كنت لا أعرف من يجعلنى راهبا؟
فقال الشخص المنير الذى فى شبه الراهب : ملاك الرب يرشدك حتى يسلمك الى قديس يعلمك أعمال الرهبنة وإسمه إيسيذوروس وهو ناسك روحانى.
فقال أنبا أمونى: ياسيد ها قد قلت لك اشتياقى لكى أصير راهبا فعرفنى من أنت؟

فأجابه : من أجل انى علمت ان الله اهتارك أعرفك إننى أنطونيوس ، أرسلنى الرب اليك لأدعوك الى الوليمة المقدسة فتقو واغلب فسيعظم اسمك ، وسلام ربنا يسوع المسيح له المجد معك الى الأبد جميع أيام حياتك ، ثم اختفى عنه.

ترك العالم:


فلما كان الصباح قام أمونى بقوة الله وأخذ ثلاث خبزات فقط ومضى الى جبل تونة ، فوجد مسكنا صغيرا مبنيا فى الجبل ، وعليه باب جريد كعادة الرهبان ، ثم صدر صوت من داخل المسكن "السلام لك يامن أرسله الآب لابس الإله أنطونيوس أب جميع الرهبان ، السلام لك ياإبنى يا رجل الله ، السلام لك ياأمونى البتول من حيث هو فى البطن ، وهو يكون بتولا الى كماله ، السلام لك ياأمونى المحبوب من الله والناس".

فقال له أمونى :إغفر لى ياأبى القديس أنا هو عبدك.

فأخبره الانبا إيسيذوروس أن الرب أعلمه بحضوره ثم قبلا بعضهما البعض وجلسا يتكلمان بعظائم الله وقتا كثيرا.
ثم قال له أمونى: ياأبى القديس إجعلنى مستحقا أن أكون لك ولدا تحت ظل صلواتك.
فقال له أنبا إيسيذوروس : قم نمضى لنكمل مشيئة الله لأن هذا الأمر منه.

فقمنا ومشينا معا الى داخل الجبل ، فوصلنا مسكنه ثم جعلنى راهبا وصرت تحت ستر صلواته ، وبعد كمال سبعة أشهر وأنا ساكن معه تنيح بوقار ومجد عظيم فبعد أن واريت جسده أقمت اياما كثيرة أبكى ، وفيما أنا حزين وإذا ميخائيل رئيس الملائكة أتى الى وقال لى "السلام لك ياأمونى المحبوب ، وما بالك حزينا هكذا؟".

فأجبت وقلت له : ياسيدى أنا حزين لأجل أبى القديس إيسيذوروس لأنه لم يطل مقامى عنده حتى خرج من الجسد.
فرفعنى رئيس الملائكة الى السماء فتطلعت من بعد ورأيت مركبة نورانية وقدامها جماعة من الملائكة وإذا شيخ راكب فيها بمجد عظيم ، فتعجبت جدا ، فقال لى رئيس الملائكة هل عرفت هذا الشيخ؟
فقلت له : لا ياسيدى.
فقال لى : هذا هو أنبا إيسيذوروس أبوك.

فلما بلغت الى المركبة قام من عليها وعانقنى وقال : ياابنى امونى اليوم ادركت نعمة عظيمة لأنهم دخلوا بك الى هنا.
فقلت له: ياأبى القديس لم أعلم أنك فى هذا المجد العظيم ، ولأجل هذا كنت حزينا كنت أشتهى أن أراك وهوذا الرب قد أنعم على بطلبتى.

فأجاب الأنبا إيسيذوروس قائلا : أنطر ياإبنى ، إن الرب لا ينسى تعب القديسين والخيرات التى يصنعها الأبرار فى العالم ، والآن ياابنى إصنع أنت أيضا إرادة الله لترث الخيرات التى نظرتها ههنا.

ولما قال هذا اختطفنى رئيس الملائكة وأعادنى الى مسكنى وقال: هوذا قد نظرت ياأمونى مجد القديسين والفرح الذى لهم ، فجاهد جيدا لترث ملكوت السموات ، إحرص ياأمونى لا تجعل أمور هذا العالم تطغيك لأن هذا العالم أطغى كثيرين ، أنظر لئلا يجد العدو مسكنا فيك ، وهو لابد أن يحاربك ، لكنه لا يقوى عليك لأن قوته ضعيفة امام القديسين الذين يحبون الله بكل قلوبهم ، واعرف ياامونى ان الشيطان كما انه هلك ، يريد أن يهلك الناس كلهم معه ، انظر الى الذين كانوا من البدء كيف حاربهم واحتال عليهم.

ولما قال هذا رئيس الملائكة صعد الى السماء . فأقمت أياما كثيرة وقلبى مستريح أصنع عباداتى القليلة وربى يسوع المسيح له المجد يسيرنى وأنا مسرور جدا لأجل مانظرته.

حسد الشيطان:


بدأ الشيطان يحسد الأنبا أمونى على فضائله وعباداته الكثيرة ورجع الى سلاحه العظيم الذى يحارب به القديسين الذى هو المرأة ، ظنا منه أنه يطرح شجاع المسيح من قبلها ، فأخذ شبه إمرأة كأنها خادمة هاربة من مواليها وامسى عليها النهار وهى تمشى فى الجبل وحدها فقرعت باب مغارته ، اما القديس فلأنه لم يجرب خيالات الشطيا خرج لينظر من الذى يقرع؟!

فأجابه صانع الشر بصوت متضع قائلا: تحنن على ياسيدى انا عبدتك عبدة لرجل من الأشمونين ، مات سيدى ولم أجد من يقبلنى واشتهيت ان اكون راهبة وأسكن فى الجبل ، وهوذا يومان وانا ضالة فى هذا الجبل لم اذق شيئا لا خبزا ولا ماء ، وكنت اسمع بفضائلك الكريمة وانت أب هذا الجيل فأتيت اليك.

فقال لها القديس : ليس جيدا ولا للبنيان ان يقبل راهب امرأة فى مسكنه ، ولكن من اجل الله ادخلى لئلا تأكلك الوحوش فيسألنى الرب عن نفسك.
فقالت له : إصنع معى رحمة ياأبى . ففتح لها الباب وقبلها فى مسكنه.
فلما دخلت قال لها القديس: ياأختى لنصلى قليلا لكى يسترنا ربنا يسوع المسيح ويخلصنا من مكايد الشيطان .
فقالت له : ليس لى قوة أن أصلى لأنى متعبة جدا ولم آكل ، وأنت ياأبى القديس لا تتعب نفسك هكذا لئلا تمرض ولا تجد انسانا يخدمك.

فلما سمع القديس هذا علم حيل الشيطان ، فللوقت بسط يديه ناحية الشرق وصلى وقال: ياربى يسوع المسيح الذى صلب عنا اسمعنى أنا عبدك وعرفنى من هو الذى يريد ان يضلنى عن طريقك المقدسة.

فلما سمع الشيطان هذه الصلاة وإسم ربنا يسوع المسيح له المجد صار لوقته كلهيب نار وهرب خارجا صارخا قائلا: أنا أمض من هذا الجبل لقد اتعبتنى جدا ، ماذا أصنع؟ إن جبل تونة كان لى فصار لأمونى ، ولكن لا تظن إنك قويت على ، بل إن أردت أن تحاربنى فسأحضر لك سلاحى العظيم الذى انا واثق ان اسقطك به وأنا سأعلمك أن الراهب ليس شيئا أمامى.
فقال له القديس: وما هو سلاحك؟ عرفنى اياه.

فقال الشيطان : ان سلاحى العظيم هو المرأة ، فإن استطعت ان تحتملها ثمانية أشهر فى مسكنك فأنا أخلى لك جبل تونه جميعه ولا أعود اليه الى الأبد.
فقال أنبا أمونى: إمض الآن إرسل سلاحك فإن معونة ربى يسوع المسيح حصن لى.
فلما قال هذا اختفى الشيطان.

تكرار الحرب ونصرة القديس:


وكانت توجد إمرأة حسنة الصورة جدا ساكنة شرق تونة ، فدخل الشيطان فيها ليحارب القديس عن طريقها. ويسقطه فى الخطية ، فقامت ولبست أفخر ثيابها ومضت الى مسكن القديس وقرعت بابه مبكرا ، ففتح لها وخرج ووجه مضىء وممتلىء نعمة وقال لها : ياابنة ماذا تطلبين فى هذا الجبل وأنت إمرأة؟
فقالت : ياابى القديس أريد ان تخلص نفسى.

فقال لها: إن الشيطان أحضرك الى هنا لكى يهلك نفسك ونفسى كما هلك هو ، ولكننى أتوسل الى ربى يسوع المسيح له المجد إذا أردت أن يحل عليك مجد الرب وترثين الحياة الأبدية وتستحقين نعمة الرب ، فلا يعجبك ياإبنة هذا اللباس الذى عليك ، ولا حسن جسدك ، بل أذكرى أن الجسد يصير الى القبر ويصبح ترابا ويبيد مع الريح، ومابالى أتكلم عن القبر فإن المرض يفسده ويزبل حيث هو ههنا. وأيضا الكبر والشيخوخة تهدم قوة الجسد وإذا أردت ان تتحققى من فساده إمضى الى المقابر التى عبرت عليها فى الطريق لتنظرى فساد الانسان وحقارته.
فلما سمعت المرأة إستيقظ قلبها فى تلك الساعة ، وخرت عند قدمى القديس وقالت له ياسيدى إننى مستعدة أن أصنع كل ماتأمرنى به ولن أعود للعالم أبدا.
فقال لها: نطلب من الله لكى يرسل لنا معونة.

فقاما وصليا معا من وقت توبتها حتى إشراق النور وكان أنبا أمونى يتوسل الى الله ان يعرفه ماذا يصنع معها؟ وقد إستمر هكذا خمسة عشر يوما حتى أرسل الرب اليه ملاكا وقال له: إصبر ياأمونى ، هوذا إكليل معد لك من أجل هذا الإناء الضعيف الذى إلتجأ اليك ، وإن الشيطان قد قصد هلاكك بسببها ، فهوذا الرب قد ضاعف أجرك من أجل إنك خلصتها من العدو ، وإن فضيلة هذه المرأة ستظهر عالية ومختارة أكثر من الرجال فاحتملها من اجل الله. وسوف تنظر نعمة الله العظيمة التى ستحل عليك.
وحينئذ رشمها الملاك وصعد الى السماء. فقبلها القديس كأمر الرب.

وبعد فترة من الزمان طلبت منه المرأة ان يسمح لها بصوم وصلاة ليست قليلة حتى يتحنن الرب عليها ويصنع معها رحمة أمام منبره الرهيب.

فوافقها القديس قائلا: ربنا يسوع المسيح الذى نتعبد له كلنا يسهل لك كل عمل صالح

الشيطان لا يهدأ:


وبعد أن عاشا معا عدة سنوات لم يحتمل عدو الخير وبدأ يستعمل سلاحا جديدا وهو أن يشكك الناس فى القديس البتول حتى انه تشكل فى شكل راهب ، وهذا ليس عجيبا على الشيطان إذ يقول معلمنا بولس الرسول ولا عجب لأن الشيطان نفسه يغير شكله الى شبه ملاك نور(2 كو 11 : 14)- وأخذ يطوف فى الجبل قائلا للإخوة : تعالوا انظروا الراهب العظيم لقد اغواه الشيطان وأخذ عنده إمرأة ، فكانوا ينتهرونه غير مصدقين ، أما هو فكان يقول لهم إذهبوا وإنظروا بأنفسكم. فذهب البعض ووجدوا معه المرأة ولمن لثقتهم فى القديس كانوا يقولون إنه يقاتل العدو.

وبعد عدة سنوات وهما مقيمان مع بعضهما يتنسكان بعبادات عظيمة ، بلغ الخبر الى الأنبا بللا (أو أبللو) المتشبه بالملائكة الذى كان يسكن فى جبل قاو ، فقال إنى لا اصدق إن هذا الأمر يحدث مع ذلك القديس المختار ، لأن مرارا كثيرة كان أنبا بللا يعمل أعمالا مقدسة ترضى الرب فكان الأنبا أمونى يعرفها بالروح ويكتبها له ويكشفها فكان يتعجب من قداسته ويمجد الله.
وفى يوم مابينما كان الأنبا بللا جامعا الإخوة الرهبان يتكلم معهم لبنيانهم وإذا بعدو الخير جاء ف شكل راهب وقرع باب الدير وقال للمسئول عن الباب قل للأنبا بللا أن راهبا غريبا أرسله الأنبا أمونى يريد مقابلتك.

فلما سمع الأنبا بللا ذلك أمر بدخوله.
فلما دخل إبتدأ يبكى ، فقال له الأنبا بللا :ياابنى مالك تبكى هكذا ، هل تنيح الأنبا أمونى؟
فأجاب الشيطان: ياليت ، لو كان تنيح كان أخير من ذلك الشر العظيم الذى صار منه.
فقال له القديس: وماالذى صار منه؟

فقال الشيطان: أنا راهب فى جبل تونة ساكن معه. وقد طرحه الشيطان وسقط مع إمرأة ، وبعد سقوطه تعبنا معه ونقول له اخرجها لئلا يهلك كثيرون بسببك ، ولكنه لم يسمع لنا وهى الآن عنده ، فلتدركنا رحمتك ياأبانا القديس وتخرجه من جبلنا أو تنتهره وتنهيه بسبب العثرة أو تسلمه للوالى ليسمع بقية الرهبان فيخافون لئلا يهلك الجميع ، والأصلح ان يخرج واحدا شريرا فيذهب الشك معه.

فلما سمع الأنبا بللا هذا الكلام قال : لا نخرجه من هذا الجبل ، ولا نسلمه لولاة الأرض ، أنا أقوم وامض اليه ، فمضى الشيطان وتركه.

وبعد هذا أقام أنبا بللا وأخذ معه أخوين تقيين هما أنبا يوسف وأنبا بوهى وذهبوا الى مكان الأنبا امونى فقرعوا الباب كعادة الرهبان.

فخرج الأنبا امونى وخر عند أرجلهم ساجدا فرحا ، فأقامه أنبا بللا فقبلهم الأنبا امونى وأدخلهم الى مسكنه ، ولما صارا داخل المسكن قابلتهم المرأة ساجدة امام اقدامهم وتباركت منهم ، فلما نظرها أنبا بللا حزن جدا ، وسالت دموع الأنبا يوسف.

الرب يبدد مشورة الأشرار:


وكان عند حضورهم ان الله تبارك اسمه كشف للأنبا امونى ان الشيطان وشى به عند الأنبا بللا ، وهوذا حاضر اليك مع اخوين لينظروا المرأة التى خلصتها من العدو.

وبعد ذلك أخذوا يتكلمون عن عظائم الله الى مغيب الشمس ، وهنا قال الأنبا امونى للمرأة ياساذج – لانه هكذا كان يدعوها – إمض وإعملى قليل خبز لنأكل.

فمضت وأوقدت التنور بحرارة شديدة ثم نزلت فى وسط النار وهى باسطة يديها تصلى فلما طال غيابها قل الأنبا امونى للأنبا بللا : يارجل الله لننظر خبر الساذج ، فقاما معا الى جهة التنور فرآها ووجهها الى الشرق تصلى فى وسط النار ، فتعجب جدا ومجد الله وطلب منها أن تخرج من النار، ثم اكلوا جميعا.

وفى منتصف الليل بينما أنبا بللا يصلى ظهر له ملاك الرب وقا ل له "السلام لك ياأنبا بللا تقو وتعز، أنا هو روفائيل الملاك الذى أرسلنى الرب لكى أطيب قلبك على الذى جعلك الشيطان تشك فيه بسبب هذا الإناء الضعيف الذى إلتجأ اليه ، طوبى حقا لمن يرسو بسفينته الى الميناء الأمين مثل أنبا امونى ، حقا انه بنى بيته على الصخرة التى لا تتزعزع الى هو المسيح الإله ، مغبوطون هم الذين يكلفون ذواتهم من أجل ربنا يسوع المسيح له المجد ، عظيمة هى الكرامة التى ينالونها فى الدهر الدائم الى الأبد ، فى الوقت الذى يجازى فيه الرب كل واحد كأعماله التى صنعها فى العالم يأخذ الراهب الطاهر مكافأة ماصنع ، والأتعاب التى قلبها فى هذا الزمان اليسير الزائل ، فى الوقت الذى تظهر فيه الثمار التى صنعها قدام الرب .. فالذى يحارب جيدا هو ينال إكليل الحياة والفرح الدائم فأوصى أولادك ياأنبا بللا أن يحفظوا إسكيمهم طاهرا كما لبسوه".

ولما قال الملاك روفائيل هكذا ، بكى أنبا بللا وجرت دموعه تسيل: فقال له الملاك "هوذا قد نظرت عبادة أنبا امونى ، وهذا الإناء الضعيف التى تدعى الساذج ، فاجلس ههنا اليوم وغدا لأنه بالغداة ترتفع ذبيحة عظيمة مقدسة".

ولما كان الغد والقديسة واقفة فى موضع وحدها تصلى الساعة الثالثة من النهار أخذتها حمى شديدة وعند الغروب أتى الملاك روفائيل وبسط حلته النورانية وأخذ نفس الطوباوية الساذج القديسة وصعد الى السماء.

وأكملت هذه الطوباوية الطاهرة جهادها المبارك فى التاسع عشر من بشنس ثم قام انبا بللا وانبا امونى وكفنا جسدها بوقار عظيم وهى لابسة مسح شعر ، وأقاما الليل كله فى الصلاة والتسبيح الى أن أشرق النور.
ودعا الأنبا امونى الأنبا بللا ومن معه لأكل قليل من خبز وماء فقال له الأنبا بللا : إننا لا نذوق شيئا حتى تعرفنا عبادة الساذج وكيف كانت؟
فقال له الأنبا امونى ليتنى كنت استحق ان أصل الى الميناء الذى أرسى الساذج بسفينته اليه، وياليتنى استحق أن أكون فى موضعها. أنا أشهد لك ياأبى هوذا ثمانية عشر سنة وانا ساكن معها لم تنزع عنها قط هذا المسح الشعر الذى عليها ، ولم تزل تصوم يومين يومين طوال هذه السنين وإننى لم أتأمل وجهها قط ولا نظرت عضوا من أعضائها قط مكشوفا ، ولم تذق شيئا من الأطعمة غير الخبز والماء والملح ، وتصلى دائما بلا فتور ، أما المطانيات فالله وحده هو الذى يعرف عدد المطانيات التى كانت تصنعها لأنها كثيرة ، ولم ترفع وجهها فى وجهى قط مدة هذه السنين كلها ، ومرات كثيرة كان الله يكشف لها أسرار عظيمة جدا ، هذا بعض مما أعرفه عن نسكها الممتد.
فتعجب الأنبا بللا ومجد الله الذى يقوى البشر ويعطيهم المعونة هكذا.
وحينئذ وضع لهم القديس امونى المائدة فأكلوا وقاموا وودعوا بعضهم بعضا وخرجوا من عنده وهم يمجدون الله إذ استحقوا أن ينظروا كمالا عظيما هكذا.

الله يعزى الحزانى:


وبعد ستة أشهر أراد الأنبا بللا أن يفتقد الأنبا أمونى لئى يكون مازال حزينا بسبب انتقال الساذج ، فأتى اليه هو معه الأنبا يوساب ، فلما قرعا الباب فتح وخرج لهما ثم قبلا بعضهما البعض ، فلما دخلوا صلوا وجلسوا يتكلمون بعظائم الله الى منتصف الليل.

حينئذ قال أنبا بللا لأنبا أمونى: ثم اصنع محبة فنأكل قليل خبز.

فقال له الأنبا أمونى صدقنى ياأبى ليس فى قلايتى خبز البتة.
فقال له أنبا بللا : إذن ماذا تأكل؟ وكيف تعيش؟
فقال له الأنبا أمونى: هوذا لى ستة أشهر لم أذق فيها خبز ذلك العالم إلا قليل من حشائش البرية فقط.

فتعجبا من عبادته وقاموا وصلوا معا ، وفيما هم يصلون وإذا ملاك الرب قد وضع امامهم خبزا نقيا ساخنا وغير ذلك مما يناسبهم أكله ، ثم قال الملاك قوموا الآن كلوا من هذه الخيرات وتقووا بالرب.

فأكلنا ونحن نبارك إسم الرب ، وبعد ذلك رفع الملاك المائدة الى السماء. وبعد ذلك ودع الأنبا بللا والأنبا يوساب الأنبا امونى ومضيا الى ديرهم وهما يمجدان الله.

وقال الأنبا امونى لتلميذه أبيهور: دخلت مرة الى البرية الداخلية وفيما انا ماشى فى الطريق وإذا بالشيطان تلقانى وهو شبه ملاك الرب ودعانى قائلا : ياأمونى ، ياأمونى .
فأجبته: هاأنذا.
فقال: هوذا أنا قد أرسلت اليك من عند الله ، لتتم هذا الأمر الذى أرسلت من أجله.

فقلت له: وما هو الأمر الذى أمرنى به الله لأمضى اليه؟
فقال له الشيطان: قم إمض الى بيتك لأبيك وأمك وخذ لك إمرأة لتلد لك أولاد لئلا تموت فيبيد ذكرك على الأرض.
فقلت له: إذا كانت هذه هى إرادة الله فقم نصلى قليلا.

فلما إبتدأت أبسط يداى صار لهيب نار وهرب من أمامى. فمجدت الله الذى خلصنى من فخ الشيطان.

إنتقاله من هذا العالم:


وكان أيضا ذات يوم وأنا قائم أصلى صلاتى القليلة فى مسكنى ، ظهر لى رئيس الملائكة ميخائيل وقال لى : السلام لك ياأمونى الذى أرضى الله ، الرب ارسلنى اليك لأريك المكان الذى أعد لك لتستريح فيه بعد إنتقالك من هذا العالم الزائل.

فخررت أنا عند قدميه وسجدت قدامه وقلت: ومن هو أنا ياسيدى حتى يظهر لى عظيم رئيس الملائكة . فحملنى ورفعنى الى السماء ودخل بى الى مكان كبير واسع مضىء جدا فلما نظرته أنا بهذا المجد فرح قلبى جدا وقلت لرئيس الملائكة ياسيدى أنا أطلب اليك ألا تردنى الى العالم دفعة أخرى لأنه مملوء خطايا ومرارة وغم.
فقال لى الملاك ياأمونى هوذا الأيام التى دفعها الله لك فى العالم قد إقتربت ومن اليوم الى خمسة عشر يوما نأتى ونأخذك الى فوق عندنا ونفرح معك مع القديسين الى الأبد .. وبعد ذلك أعادنى رئيس الملائكة الى مسكنى أيضا.


ولما حضر يوم خروجه من الجسد قال: ياولدى أبيهور بقى ثلاثة أيام ويكل تدبيرى وأمضى الى القديسين ، وكان ذلك اليوم السابع عشر من شهر بشنس ، فلما كان اليوم العشرين من شهر بشنس تنيح واستراح بالرب وأكمل جهاده ومضى الى ربنا يسوع المسيح الهنا له كل المجد الذى أحبه ، وسمعت جموعا يسبحون ويرتلون بتمجيدات حلوة سمائية قائلين "ادخل ياانبا امونى لفرح سيدك ، اصعد الينا لتعيد معنا ، فهوذا اليوم الذى تباعد عنك الحزن وغم هذا العالم ، هذا هو اليوم الذى تستريح فيه فى مساكن الصديقين ، هذا هو اليوم الذى تلبس فيه الإكليل الذى لا يضمحل".

وحينئذ رفعوه الى السماء وبعد هذا اهتممنا بتكفين جسده الطاهر ودفناه ونحن نرتل عليه بالمزامير والتسابيح الروحانية ، وصنعت معجزات كثيرة من جسده الطاهر بقوة الله.

بركة صلواتهم فلتكن معنا آمين.

بركة صلواته تكون معانا جميعا
امين
ربنا يباركك ويعوض تعب محبتك

قصة القديس امونى دى جميلة جداااااااااا واول مرة اسمع عنة
وصلوات هذا القديس تكوان معانا
ميرسى كتير ربنا يعوضك