القديسة الكسندرة
"لا يمكن إلا أن تأتى العثرات ، ولكن ويل للذى تأتى بواسطته ، خير له لو طوق عنقه فى حجر الرحى وغرق فى لجة البحر من أن يعثر أحد هؤلاء الصغار ، إحذروا لأنفسكم". (لو 17 : 1 – 3)
فى هذا الجيل الأخذ فى الانحلال سواء فى مظاهره أو فى أزيائه أو فى زينته الخارجية ، وفى اباحته سواء بين الشبان أو الشابات ، والذين أصبح كل منهم يأخذ مما للأخر ويقلده ، فالشبان أصبحوا يطيلون شعورهم والشابات يقصرن شعورهن. وكل منهم يلبس ملابس الأخر ، وهذا أولا مخالف لطبيعة كل منهم وثانيا مخالف لوصايا الكتاب المقدس الذى يقول "لا يكون متاع رجل على إمرأة ولا يلبس رجل ثوب إمرأة لأن كل من يعمل ذلك مكروه لدى الرب إلهك" (تث 22 : 5). وأيضا يقول معلمنا بولس الرسول فى رسالته الأولى الى كنيسة الله التى فى كورنثوس "وإن كان قبيحا بالمرأة ان تقص أو تحلق فلتتعظ .. أحكموا فى أنفسكم هل يليق بالمرأة أن تصلى الى الله وهى غير مغطاة ، أم ليست الطبيعة نفسها تعلمكم ان الرجل إن كان يرخى شعره فهو عيب له" (1 كو 11 : 6 ، 13 ، 14).
وأصبح الناس يجرون وراء المطهر الخارجى المخجل بدون حياء ، وبدون تفكير أو مراعاة لمبادىء الدين أو الأخلاق ، وإذا تحدثت معهم كانت الإجابة إما إدعاء مجاراة التقدم العصرى أو خوفا من انتقاد الأخرين أو الإباحية وعدم الاهتمام بمن يعثرون بسببهم. فالشابات كثيرا ما يروق لهن اعجاب الناس ، ويسترحن للمديح الكاذب ، دون أن يحسبن نفقة العثرة ، ولنتذكر أنه حتى إن كنا لا نعثر فنحن مسئولون عمن نعثرهن ، حتى وإن كان هدف التزين وليس السقوط بل ارضاء للذات وإشباعا خفيا للشهوة.
وهنا نقول لهؤلاء ولا سيما الذين يتلون المزمور الخمسين الذى هو فى مقدمة كل صلاة بالأجبية "ارحمنى ياالله كعظيم رحمتك" نقول فى أواخره "نجنى من الدماء ياالله" ، نقول لهم ليس المقصود بهذه الكلمات المقدسة الدماء نتيجة القتل فقط بل نطالب ايضا بدماء كل من أعثرته أو تسببت فى سقوطه فى خطية بأى صورة من الصور. ربنا يتراءف علينا ويرحمنا.
وإننا نقدم هذه القصة المثالية وغيرها كأمثلة حية لعلنا نستيقظ من غفلتنا ونستفيق من نومنا سالكين بمخافة الرب طائعين لوصاياه المقدسة.
لقد كانت القديسة الكسندره من مواطنى مدينة الاسكندرية ، وكانت فتاة ورعة تقية خائفة الله ، وأيضا كانت حسنة الصورة.
فى يوم ما اختفت من منزلها وذهبت الى إحدى الأماكن المهجورة خارج الإسكندرية وسكنت فى مكان يشبه القبر ، وتركت فيه طاقة صغيرة تطفى بمقدار ما تدخل يد انسان بالخبز والماء وحاجة الجسد فقط. وأقامت فى هذا المكان الضيق المظلم فى وحدة وصلوات دائمة ونسك شديد ، فلم تبصر وجه انسان لا رجل ولا إمرأة مدة إثنتى عشرة سنة ، وبعد هذه السنوات العديدة نامت ومدت يديها الى صدرها فى شكل صليب وتنيحت بسلام. وصعدت روحها الى فردوس النعيم بالفهم وطاعة الوصية التى سلكت بهما.