القديسة مارينا ووالدها الأرمل

القديسة مارينا ووالدها الأرمل
"أيها الأحباء أطلب اليكم كغرباء ونزلاء ، أن تمتنعوا عن الشهوات الجسدية". (1 بط 2:11)

كان هذا القديس غنيا جدا فى التقوى وفى مال العالم ، وتزوج هذا التقى بإمرأة فاضلة تقية ، وكانا سالكين بخوف الله ، وأنجبا إبنه مباركة أسمياها مريم ، وبعد قليل تنيحت الزوجة وتركت مريم الطفلة لوالدها القديس فأخذ يهتم بتربيتها التربية المسيحية ، رافضا الارتباط بزوجة ثانية تهتم بتربية طفلته المباركة ، واضعا فى قلبه أن يهتم فقط بخلاص نفسه وبإبنته غير مهتم بأمر أخر.


وهكذا نشأت مريم فى جو روحانى عميق حيث جعل والدها من منزله منسكا له ولابنته مجتهدا فى الصلوات والصوم والصدقة الى أن كبرت مريم وبلغت حد النساء.

وفى أحد الأيام استدعاها والدها القديس وقال لها يامريم إننى بذلت كل جهدى فى تربيتك كما يرضى ربنا يسوع المسيح له المجد ، وإنه لولا وجودك معى لكنت تركت العالم منذ زمان لأتفرغ للعبادة فى أحضان المسيح له المجد المريحة فى البرية ، ولككنى أرى انه الآن حان وقت الإنطلاق الى البرية وتحقيق شهوتى بعد أن أزوجك لمن يختاره الرب لك ، وتستريح نفسى من جهتك.
فأجابت مريم على الفور :"لماذا ياوالدى العزيز تخلص نفسى وتتركنى أهلك؟".
قال لها : وماذا أصنع لك وأنت إمرأة؟
فقالت : أنزع عنى زى النساء وأرتدى زى الرجال.

وللوقت قامت وقصت شعرها جدا وليست زى الرجال ، فلما رأها قوية فى عظمها مجتهدة فى إتمام غرضها ، قام ووزع كل ماله على الفقراء والمساكين وأخذ معه شيئا يسيرا ، ثم أبدا اسمها ودعاها مارينا. ثم مضيا الى أحد الأديرة وسكن كلاهما معا، واستمرا عابدين بحرارة واجتهاد مشجعين بعضهما بعضا فى حياة القداسة عشر سنوات. وبعدها انتقل والدها الى السماء وبقيت القديسة وحدها. فبدأت تضاعف صلواتها وأصوامها ونسكها دون أن يعلم أحد انها إمرأة ، وحينما كان الآباء يسمعون صوتها كانوا يظنون ان رقته بسبب زيادة نسكها وسهرها وعبادتها القوية.

وفى احد الأيام أرسلها رئيس الدير مع ثلاثة رهبان لقضاء بعض مصالح الدير فى العالم ، فنزلوا فى فندق للمبيت وكان فى ذلك الوقت أحد جنود الملك نازلا فى ذلك الفندق فى تلك الليلة ، وكان لصاحب الفندق إبنه حسنة الصورة فأخطأ جندى الملك مع هذه الإبنة ولقنها قائلا إذا كشف أمرك قولى ان الراهب مارينا هو الذى أخطأ معى.
وفعلا بدأت آثار الخطية عليها فسألها والدها كيف حدث هذا؟ ومن الذى فعل هكذا معك؟
فأخبرته ان الراهب مارينا هو الذى فعل هكذا معى.

فغضب صاحب الفندق جدا وحضر الى الدير ، وسأل عن الراهب مارينا ، ثم بدأ يسب الرهبان ويسى اليهم كثيرا ، وفى أثناء ذلك كان رئيس الدير يحاول بكل طريقة أن يطيب خاطره حتى صرفه من الدير، وبعد هذا استدعى رئيس الدير القديسة وأخذ يبكتها كثيرا على ماحدث ، أما هى فقالت بكل اتضاع:"أخطأت ياأبى إغفر لى".
فما كان من رئيس الدير إلا أن طردها من الدير. أما هى فبقيت خارجا على باب الدير.

ولما ولدت ابنه صاحب الفندق ولدا حمله ابوها الى القديسة . وتركه لها فأخذته وصارت تهتم به متنقلة بين الرعاة لتسقيه لبنا . وزادت من أصوامها وصلوتها وهى خارج باب الدير ثلاث سنوات الى ان تحنن عليها الرهبان وسألوا رئيسهم أن يصفح عنها ويقبلها بالدير ، فقبل الرئيس سؤالهم بعد ان وضع على القديسة قوانين تأديبية وأدخلها الدير. وهكذا اخذت تهتم بالإبن حتى كبر وترهب بالدير ، ولما أكملت أربعين سنة مرضت ثلاثة أيام وتنيحت.

وبعدما صلوا عليها أظهر الرب حقيقتها أنها إمرأة ، فصاحوا جميعا "يارب إرحم" ، فأخذ رئيس الدير يبكى على مافعله معها ، ثم ارسل واستدعى صاحب الفندق الذى شاهد بنفسه ، فتقدموا وتباركوا منها جميعا ، وكان بينهم راهب بعين واحدة ، فلما وضع وجهه عليها أبصر للوقت ، وبعد أن دفنوها سمح الرب بأن شيطانا يدخل فى ابنه صاحب الفندق وجندى الملك وظل يجذبهما مسرعا ويعذبهما الى أن أحضرهما الى الدير حيث دفنت القديسة مارينا ، وإعترف الإثنان بذنبهما أمام الجميع.
وقد أظهر الله تبارك اسمه من جسدها آيات كثيرة ، وكان نياحها يوم 15 مسرى.

بركة صلاتهما فلتكن معنا . آمين.