بسم الاب والابن والروح القدس اله واحد امين
التفسير لابونا / انطونيوس فكرى
آية (15): "ها أنت جميلة يا حبيبتي ها أنت جميلة عيناك حمامتان."
...
عيناك حمامتان= [1] كحمامة نوح لا تستريح خارج الفلك (الفلك رمز الكنيسة) [2] بسيطة ووديعة. "وإذا كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيراً" (مت22:6). [3] لهما استنارة بالروح القدس. إذاً هذه النفس قد تحررت من الشهوات الجسدية وحملت السمات الروحية وصفاء النفس لذلك يدعوها ها أنت جميلة يا حبيبتي. هذه النفس هي التي حملت سمات المسيح وقبلت أن تشترك معه في صليبه. ولكن مازال لهذه النفس خطاياها، ورغماً عن ذلك يراها الله جميلة.. كما قال الشاعر "عين المحب عن كل عيب كليلة". فالمحب لا يرى سوى الجمال في من يحبها. "عبدي أيوب رجل كامل".
آية (16): "ها أنت جميل يا حبيبي وحلو وسريرنا اخضر."
قال لها العريس عيناك حمامتان، فماذا أعطى الروح القدس لعيناها أن تراه؟ لقد رأت جمال عريسها ها أنت جميل= لقد أدركت أنه جميل وأنه هو سر جمالها. بل هو مصدر كل قوة وكل قداسة فينا، لا يجب أن ننسب لأنفسنا أي شيء صالح (يع17:1). سريرنا أخضر= نتيجة هذا الإدراك الروحي دخلت النفس مع مسيحها في إتحاد أعمق. والسرير هو الجسد الذي فيه تلتقي النفس مع الله، ويتحول الجسد لمكان يسكن فيه الله بل يرتاح فيه الله، جسدنا لم يعد ملك لنا ولم يعد مسكناً للنفس البشرية فقط، بل يسكن الله فيه، وهنا تظهر ثمار الروح القدس لذلك دُعِىَ السرير أخضر أي مثمر. لقد دعا بولس أجسادنا أنها أعضاء المسيح (1كو15:6) لأنها حملت إنعكاساً للوحدة الداخلية بين الكلمة الإلهي والنفس. لقد سبق المسيح وأخذ جسدنا فهو أخذ مالنا ليعطينا ماله، لقد صار جسدنا جسده، وصار جسده سرير لنا، إذ لنا فيه راحة، نرى فيه اتحادنا معه. لقد أثمر جسد الرب طاعة للآب عوض عصياننا ونقاوة عوضاً عن نجاساتنا وغلبة على الشيطان عوضاً عن هزيمتنا. عموماً الخضرة علامة الحيوية والإثمار لأن النفس مجتمعة مع الله.
آية (17): "جوائز بيتنا أرز وروافدنا سرو."
كنيسة المسيح تشبه هنا بالبيت. والبيت له أعمدة سبعة رأسية= الجوائز= وله عوارض أفقية= روافد. وتشير الأعمدة الرأسية غالباً للكنيسة المنتصرة التي هي الآن في السماء، لذلك فالجوائز من أرز= وهذا عمره طويل (فإبراهيم وإسحق ويعقوب أحياء) ورائحته حلوة وهكذا سير أبائنا القديسين. وتشير العوارض الأفقية للكنيسة المجاهدة على الأرض ونلاحظ أنها من سرو وهو مشهور بقوته وأنه لا يهتز بالريح وهكذا ينبغي أن تكون كنيسة المسيح، فهي كنيسة قوية لا يستطيع أحد أن يحطمها، وينبغي أن يكون المؤمنين واثقين في حماية ربها لها فلا يهتزون مع أي رياح اضطهاد أو تعاليم غريبة. ونلاحظ أن البيت مكون من أعمدة رأسية ومن عوارض أفقية وهكذا صليب المسيح، فالمسيح بصليبه وحد السمائيين بالأرضيين. وصارت الكنيسة من قسمين، قسم رأسي، ممتد رأسياً وهي الكنيسة المنتصرة وقسم أفقي ممتد أفقياً في كل الأرض وهي الكنيسة المجاهدة.