مهما بدا أنه تأخّر
من كتاب حياة الرجاء للبابا
لقد وعد الله آدم وحواء بالخلاص، ومرّت آلاف السنوات.
قال لهما أن نسل المرأة يسحق رأس الحيّة، ومرّت آلاف السنوات، والحيّة مازالت رافعة رأسها في شموخ! وبدا أن نسل المرأة في انهيار مستمرّ حتى أن الله أغرق العالم بالطوفان.
كان الرجاء مُعلَّقًا على أولاد نوح.. ولكن فسد أغلبهم. أيبقى الرجاء في أولاد إبراهيم.. أيضًا فسد أغلبهم. يبقى الرجاء في أولاد يعقوب...!
لابد سيحقِّق الله وعده بالخلاص، ومهما انتظر سمعان الشيخ طويلاً لابد سيأتي عليه الوقت الذي يقول فيه وهو يحمل المسيح "الآن يارب تطلق عبدك بسلام لأن عيني قد أبصرتا خلاصك"
(لو2929:2، 30).
وكثيرون رقدوا قبل أن يبصروا خلاصًا، ولكن رقدوا في رجاء. هل حقًّا تأخّر الله في تنفيذ وعده بخلاص العالم؟
كلا لم يتأخّر الوقت، على الرغم من مرور آلاف السنين. بل إنه كان يُعِدّ البشريّة لاستقبال هذا الخلاص.. يُعِدّهم بالنبوات وبالرموز وبالتوبة وبالإيمان. كم من الذّبائح والمُحرَقات قدَّموها حتى صارت عقيدة الكفارة والفداء راسخة في أذهانهم، وصارت المغفرة بالدم أمرًا سهلاً مقبولاً..
وانتظَرَ الرب حتى أصبح الإيمان ممكنًا حتى وسط الأمم. وانتظر الرب حتى يوجَد يوحنا المعمدان الذي يعد الطريق أمامه، وحتى توجد العذراء الطاهرة التي تكون إناءًا للتجسُّد، والتي تَقدِر على احتمال ذلك المجد العظيم..
إذن لم تكُن مرحلة تأخير، إنما مرحلة إعداد يقوِّي الرجاء.
ونفّذ الله وعده الذي لم ينسَه مُطلَقًا خلال آلاف السنين، وأخيرًا استطاع نسلُ المرأة أن يسحق رأس الحيّة
(تك15:3)
، وتَمّ فعلاً ما قاله لأبينا إبراهيم "بنسلك تتبارك جميع قبائل الأرض" (تك18:22، أع25:3)..
نحن نقول انتظِرِ الرب. فهل أَنتَظرُ الرب حتى يبدأ العمل، واثقًا أنه سوف يعمل؟
انتظرِ الرب واثقًا، ليس أنه سيعمل، بل واثقًا أنه يعمل فعلاً، وربما قبل أن نطلب منه نحن..!