معجزات القديس
1- معجزات حدثت أثناء حياته وهو فى الجسد
2- معجزات حدثت بعد انتقاله او نياحته
3- معجزات حدثت منذ وقت قريب
- كان هذا القديس مثلا حيا لأولاده وإخوته الرهبان فى الحياة النسكية وزهد العالم وكانت تنكشف له أسرار عجيبة وخفايا غريبة حتى انه كان يكون مع اولاده بالجسد وهو ينظر بالروح الى كل الممالك الارثوذكسية وكان دائما يذكر كل واحد من ملوكها اعنى ملوك الحبشة والروم والأفرنج وغيرهم وقد اذاع الرب اسم هذا الشيخ القديس فى بلادهم حتى صاروا يحملون اليه من بعض هداياهم ويستغيثون به فى شدتهم وعند حروبهم ومما يذكر له ان سيرته الطاهرة ان احد ملوك الأفرنج وقع بينه وبين اعدائه حروب فصار يستغيث بالقديس انطونيوس الكبير ولم يشعر الا انه أبصر الشيخ مرقس إبن انطونيوس قائما معه فى الحرب وهو يهزم اعداؤه أمام وجهه الى ان طاردهم جميعا وانتصر عليهم فلما نظر الملك ما كان تعجب وأخذ يتقصى من رؤساء دولته عن المنظر الذى رآه فأخبروه ان هذا المنظر ليس لأبينا انطونيوس بل هو لأحد أولاده ولعله يكون للقديس مرقس ابن انطونيوس لان خبره كان ذائعا فى تلك البلاد.
- فقام الملك للوقت لزيارته وحضر عند الأب الرئيس واستدعى جميع الاخوة الى ما بين يديه فلما وقفوا امامه وعاينهم لم يعاين بينهم صورة الشيخ الذى ظهر له فى القتال فحزن جدا وأخذ يسأل ويفتش وإذا بالشيخ يعبر عليه آتيا من بستان الدير وهو حامل جرتين ماء فلما نظره الملك وعرفه كشخص الرؤيا فرح جدا وإنطرح للوقت ساجدا على قدميه وأخذ يقول لترجمانه: إن هذا هو الشخص الذى ابصرته قائما معى فى الحرب فى بلادى وهو يحارب عنى ويدافع وقد أكرمه الملك واهدى جرسا الى الدير مازال موجودا الى يومنا هذا ... ولكن لا يعرف مكانه بالضبط.
- بعد انتقال القديس مرقس ظل الاخوة ثلاث سنين بدون كتابه سيرته فتراءى القديس لواحد من الإخوة وانتهره عل ذلك ثم ناوله خبزة فى فمه بمقدار ما يتناوله من القربان واشار اليه ليكتب ما ينبغى فنطق ذلك الأخ لوقته وكتب سيرة القديس فليتمجد اسم الرب فى قديسيه.
- قبل انتقال القديس خرج الى الجبل فجمع منه ترابا اصفر وطينا احمر وأخر لونه اخضر ثم احضر ذلك الأخ كاتب السيرة وأشار اليه ان يرسمه وكان لا يعرف الرسم كلية فأنار الله عليه فعرف الرسم وصنع من الطين الأيقونة فيتمجد اسم الله فى قديسيه.
- ملأ الشيطان قلب بدوى فهجم على القلالى ليأخذ ما فيها وكانت هناك ألواح خشبية قد دهنها الأخ الرسام بالذهب ليرسم صورة القديس فلما هجم البدوى على القلاية وإذا بسلاة فى الحائط ضربته فى يدة اليمنى فانقلب الى اسفل وقت حمله الأعراب فى كساء بين أربعه وصار كل من يراه يمجد الله فى قديسيه.
- لما كان هذا القديس فى فترة ترهبه فى دير الانبا بولا سأله الأخوة أن يصنعوا له أطعمة مختلفة وقد اضطروا الى ان يمضوا الى الدير الكبير ويحملوا له ما أرادوا .. وعملوا الطعام ولكنه تركه وأخذ قليلا من الماء وسخنه على النار وقد تعجب الاخوة من ذلك ، وبغته وافاهم فى تلك الساعة امير عربى يسمى ظيمون ويصحبه جمع كثير أرسلهم السلطان الملك الناصر الى الدير فى طلب انسان خولى هرب وترهب فى الدير وقد تعجب الاخوة من علم القديس وشفافيته إذ أبصر بالروح مجىء الأمير .. وقد غسل الإخوة أرجل القادمين بالماء الذى كان القديس يسخنه ومجدوا الله فى قديسيه.
- أخبرنا القس جرجا من دير أنبا بولا أنه رأى انسان سائحا قال له اغفر لى يا أبى القس فنحن محتاجون بركتك وبركة الطوباوى مرقس ثم ضرب السائح مطانية للقس ليضربها بدوره للقديس فى طلب حاجة والقس لا يعرف ما هى واتفق حضوره للدير واصبح مشغولا مع الاعراب فى تلك الساعة وحين فرغ من عمله حضر عنه القديس وعندئذ أخذ انبا مرقس ثوبا ودفعه له وقال اصعد ياقس فوق السور وابصر من هو الانسان الواقف خلف السور فى طلب الثوب واطرحه له فلما صعد على السور وجد ذلك السائح فتعجب وطرح له الثوب ثم نظر الى القديس فوجده باكيا فسأله لما البكاء فأوضح له ان السائح يرقد فى هذه الساعة وقد طلب الثوب لتكفينه وقد حدث فعلا وتعجب من بصيرة الشيخ ليتمجد الله فى قديسيه.
- ملأ الشيطان قلب أخوين دخلا قلاية وأخذا ثوبين لزميل لهما وقد كذبا ووشيا بالقديس فلما سمع صاحب القلاية قبض على القديس الذى كان قد علم بالروح عن المكان المخفى فيه الثوبين وقد ردهما للأخ وضرب له مطانية ولم يشهر بالأخوين ولكن الأخوين ظنا أن احدهما سرق زميله فأشهر كل منهما الأخر وقد استفاد الاخوة من محبة القديس للخطاة وعدم تشهيره بالخطاة ومجدوا الله فى قديسيه.
- هجم الفرنجة على الاسكندرية ، ونهبوا أموالها ، لذا نزل بالنصارى فى مصر ضيق شديد بسببهم فأرسل الأمير (يلبغا) رسلا الى جميع الأديرة التى تحت سلطانه يطلب اموالهم فلما وصل الأتراك الى دير أبينا القديس الأنبا انطونيوس قبض الأمير الذى كان معهم على القس متى الرئيس فى تلك الأيام ، وعاقبه كثيرا من اجل المال ، فتقدم الانبا مرقس متوسلا الى الأمير ليكف عن إيذاء الأب متى وإندفع الأمير بحنق وأمر الجند أن تطلق القس متى وتضرب هذا الأب عوضا عنه ، فنفذوا امره ، ثم ان الأمير بعد فراغه من العقاب ضيق على الانبا مرقس والقس متى وجماعة من الاخوة وسار بهم الى مصر ، فقاسوا من الجوع والعطش والمشى حفاة فى البرية وكان القديس يسأل الأمير ان يسقيهم قليل من الماء ويكرر الطلب فلا يظفر بشىء وبمشقة أعطى هذا الأب قليلا من الماء دون رفقاؤه فإمتنع الانبا مرقس ولم يشرب امام الأمير وإنتهره قائلا "هوذا الرب الهنا يسقينا لأنه كثير الرحمة ثم رفع عينيه نحو السماء وبكى فأمطرت فى الحال ، مطرا كثيرا حتى ان الأمير ومن معه وقفوا مكانهم ولم تقدر خيولهم على السير لكثرة الماء وجلس الاخوة واستراحوا وشربوا جميعا وهم فرحون على الرغم من الضيق الذى عانوه ، وأخذ القديس يصلى عنهم ألا يدخلوا مصر ، ولقد أخبر هذا الأب الإخوة قائلا :"إن الله لن يدعهم يدخلون مصر بل يعودون الى ديرهم سالمين وارسله الى اطفيح بعودة الرهبان الى أديرتهم فشكروا الرب ممجدين هذا القديس الذى بصلاته رحمهم الرب ، فليتمجد اسم الله فى قديسيه.
- لبست امرآة راهبة من بنات مصر زى الرجال ، وقصدت القديس وهى كاتمة أمرها ، وأسمت ذاتها ميخائيل فلما نظرها القديس مرقس أخذ قطعة قماش ودفعها اليها وقال :"ياميخائيل أتعرف ان تطرز شيئا طرز لى هذه القطعة "الرب يرعانى فلا يعوزنى شيئا" . فلما سمعت الراهبة كلامه تعجبت وعلمت انه مملوء من الروح القدس... ثم سألتع بأمانه ان تقيم عنده . فلم يسمح لها الاخوة بل الزموا القديس أن يعيدها الى مصر بشكل رجل ، وكانت قد أخذت بركة من الأب البطريرك الأنبا غبريال ولم يعلم حقيقة امرها وإنما ظهرت له كصبى شاب وكتب لها بذلك ، فلما عادت الى الانبا مرقس وجلست تقرأ ورقة البركة المكتوبة لها لم يحتمل الاخوة سماع صوتها اذ فهموا فى الحال انها إمرآة فتذمروا على القديس بسببها فلما علم القديس بالروح بتذمرهم صار يعزيها قائلا :"إقرأ يا ميخائيل ولا تخف فإن الذى اتكأ فى بيت سمعان لم يلتفت الى تذمر التلاميذ بل التفت الى المرآة وقال لها مغفورة لك خطاياك فلما سمعت هذا الكلام صارت تبكى على قدمى القديس ومسحتهما بشعر راسها كما فعلت تلك الخاطئة منذ القديم ، وكان لا يكف عن قوله لها :"مغفورة لك خطاياك" فلما ذاع أمرها بين الاخوة أخرجوها من الدير بعد أن أقاموها امام المذبح وأشهروها فى الجماعة انها امرآة ، وكانت هى شاكرة صابرة ممجدة للمسيح حتى ان القديس شجعها وقواها وعزاها لمشاهدته صبرها بقوله (اذهب يا ميخائيل الى مصر ولا تخف فإن الرب اعد لك هناك إكليل الشهادة).
وهكذا عادت الى مصر واعترفت مع نساء اخريات يصحبهن القديس يعقوب ابو مقيطف ونالوا جميعها اكليل الشهادة بحسب نبوة هذا القديس .. فليتمجد اسم الله فى قديسيه.
- أهدت جارية حبشية اسمها غزالة منديلا الى القديس فلما علم بالروح ايمانها ، أخذ المنديل ، وجعله قلنسوة على رأسه ، ثم قال للذى حمل اليه المنديل :"إذا ذهبت الى مصر فقل لغزال ياطابيثا الجديدة هوذا اكليلك على رأس مرقس". فلما علمت غزال بذلك فرحت جدا ، ولكنها صارت متحيرة لا تعلم ما السر فى ذلك الاكليل حتى اتفق بعد ايام قليلة ان سيدها انتقل الى الرب فطلبت الرهبنة فتم لها ما ارادت إذ انتظمت فى سلك الملائكة ، وبعد الرهبنة دعاها الرب الى الشهادة مع راهبات كثيرات ونالك إكليل الحياة كالإكليل الذى سبق هذا القديس وتنبأ لها به . فليتمجد اسم الله فى قديسيه.
- قال كاتب سيرة القديس المبارك ، كنا نجلس بجانبه فقال لنا:"ياأولادى رأيت انسان حضر بجانبى ، وكنت كلما قلت له إذهب واتركنى الى فوق يقول لى لا ابرح من تحت قدميك حتى اسمع مغفورة لك خطاياك" فلما سمعنا هذا الكلام تعجبنا وتساءلنا عن هذا الانسان حتى اشرق الصباح ، فحضر الى الدير شاب من اهل مصر يسمى فخر الدولة ابن القس المؤتمن ، وكان هذا الشاب منغمسا فى خطايا كثيرة ، وكان يشتهى بحرقة ان يتوب فاضمر فى نفسه أنه حين ينظر هذا القديس لا يبرح باكيا تحت قدميه حتى يسمع من فمه هذا القول مغفورة لك خطاياك. فلما حذر هذا الشاب أخذ يبكى تحت قدمى القديس حينئذ أجابه القديس قائلا:"كف يا ابنى عما انت عليه لإننى منذ الليل رأيتك هكذا تبكى على قدمى ، وأنا أقول لك مغفورة لك خطاياك ، ولم أقل لك مغفورة لك خطاياك فقط بل أقول لك ان الرب بدموعك غفر لك وقبلك ووهبك ان تصير راهبا ورئيسا على الاخوة". فلما سمع الشاب كلام القديس تشكك فى قلبه كان مرتبطا بزوجة غير مؤمنه وأولاد ومراكب وغلمان.
فلما علم القديس ضميره اجاب قائلا:"لا تشك يا ابنى لأنى منذ الليل رأيتك وقد حملتك وأنا داخل بك الى الدير ، وكان حملك خفيفا على عنقى" . ومع كلام القديس هكذا أخذه الأب بيده واسلمه لسيده الكل العذراء مريم والدة الإله وسألها خلاص هذا الشاب مما هو فيه وعودته الى الدير ، ومضى الشاب الى مصر وفى تلك الساعة دبت فيه حرارة عظيمة ومن فرط حرارة التوبة التى حصل عليها لم يلتفت الى شىء مما كان عليه بعد ان ترك المرآة والأولاد والمراكب والأقارب وأمه واخوته وعاد الى الدير وترهب ولبس الاسكيم المقدس وصار راهبا مختارا حتى يوم انتقاله. فيتمجد اسم الله فى قديسيه.
- ذات مرة زار كاتب مسيحى الانبا مرقس وكان بصحبته عبد صغير يدعى "خير" لالتماس البركة منه ، وبعد ان نال الاثنان البركة ، قصد سيد ذلك العبد زيارة دير الانبا بولا فودعه القديس وأوصاه قائلا:"انظرا لئلا تتهاون بعبدك فى الطريق لانى رأيته مات وعاش ، ولكن المجد للسيد المسيح الذى احياه". فاحتار سيد ذلك العبد فى هذا الامر ، واتفق ان العبد ثقل بالنوم وهو راكب على ظهر الجمل فسقط على الأرض على صخرة فمات على الفور فحركه سيده ، فلم يتنفس فيئس منه ، ولكنه تذكر قول هذا الأب الذى قاله له ، فتناول للوقت بعض الماء ورشمه بإسم المسيح وهذا القديس ثم رشه على وجه ذلك العبد ونادى بإسمه فأجابه العبد بصوت خافت : نعم يا أبا مرقس فتعجب سيده وأخذ يسقيه الماء قليلا قليلا ، حتى عادت اليه روحه ، فتطلع فلم يجد سوى سيده وحده فتعجب العبد وشرع يتقصى من سيده عن ابينا مرقس ، فلما سمع سيده كلامه تعجب كثيرا ، وسأله عما حل به فأجابه العبد قائلا:" لما سقطت وغاب عقلى ابصرت ابانا القديس انبا مرقس بجانبى يسقينى قليلا قليلا حتى عادت روحى الى ، ثم غاب عنى ولم اعد انظره". فلما سمع سيده هذا مجد الله صانع العجائب على يد هذا القديس ولقد شاركناه فى التمجيد.
- زار القديس ثلاثة أشخاص من مصر لنيل بركته وعند عودتهم دعا لهم هذا الأب قائلا:"إنصرفوا يا أولادى ، الشهيد الشجاع تادرس قاتل التمساح يقاتل عنكن جميعا". حينئذ مضوا وهم لا يعلمون ما هذا الامر حتى نزلوا فى سفينة صغيرة الى مصر وإذا بتمساح عظيم قد اقبل اليهم فى وسط المياه فلما نظر كل من فى السفينة فزعوا وكادت السفينة تغرق ، ولكن الرجال الثلاثة وثقوا بصلاة القديس وقوة الشهيد تادرس فقام احدهم مؤمنا بالله وصلاة القديس وتمهل على هذا التمساح حتى قرب ليصعد فى السفينة فضربه على رأسه فمات على الفور ، فتعجب كل من فى السفينة ومجدوا الله ، وهكذا نجوا جميعهم بصلاة هذا القديس.
- ذات يوم سمعنا هذا الأب يتحدث مع اشجار البستان التى بالدير قائلا:"(اترى ما هؤلاء؟ هل الشخص المستوفى الراجع يخلص؟!) وبعد فراغه من خطابه مع الاشجار أجابنا قائلا:"بالحقيقة اقول لكم يا اولادى ان الذين يتنعمون فى الدنيا ويأكلون ويشربون ويلبسون لا يتنعمون فى الدهر الآتى ، ولكن هذا الشخص المستوفى الراجع (اى التائب توبة كاملة) إنما يخلص بثلاثة أعمال:
1- الأمانة ، 2- المحبة ، 3- الرحمة
فتعجبنا من كلامه ونحن لا نعلم ما الأمر حتى أقبل راهبا من مصر راكبا هجينا (بغلا) ، ومعه رسالة الى الانبا مرقس أن هذا الشخص المذكور راقد وقد أرسل يسأل الأب فى خلاصه فتعجب الاخوة لما سبق من كلام القديس وسرعان ما قام الب بعد كلام القائد ، وأخذ للوقت بعضا من البقل الأخضر من بستان الدير ، وأعطاه للقائد وقال له:"إذهب يا هذا ، واعط للشخص من هذا البقل يستريح لوقته". وهكذا قام القائد ووصل الى الشخص المذكور وقدم له البقل الأخضر ، وكان الشخص فى شدة الموت فلما تناول من البقل قليلا ، نهض جالسا على كرسيه على الفور ثم قرأ الأمانة الأرثوذكسية كاملة ، ورشم ذاته وأعضاؤه كلها بعلامة الصليب ، ثم اسلم الروح وفى نفس الوقت التى اسلم فيها الروح أبصر هذا القديس نفسه عند خروجها بمصر وقال لمن كان حاضرا بالدير :"هوذا يا أولادى نفس الشخص المستوى الراجع صاعدة هذه الساعة الى السماء وهى فى هدوء وراحة". فلما سمع الإخوة كلام القديس شك بعضهم ولم يصدقوا حتى وافى انسان من مصر وأخبر ان الشخص المذكور انتقل فى هذه الساعة التى قال عنها القديس. فليتمجد اسم الله فى قديسيه.
- كان الصاحب كريم الدين بن مكانس يقاسى كثيرا فى عهد السلطان الظاهر برقوق ومن شدة الضيق الذى حل به تخفى فى زى "خولى" وهرب الى الأب المبارك مرقس فلما رآه الأب بهذه الحالة قال له :"أتعرف الصاحب كريم بن مكانس"؟" أجب الصاحب المذكور :"ها أنا يا أبى القديس قد أتيت هنا فى هذا الدير من كثرة الضيق الذى صبه على السلطان". حينئذ أجاب القديس :"تقو يا ابنى لا تخف فإنه من الان بصلوات القديسين الذين التجأت اليهم لن يكلمك السلطان ، ولن يؤذيك ، وإنما تمضى وتقابله وتنهض صحيحا". ثم أخذه القديس وسلمه للعذراء مريم أم النور ، وأرسله للسطان حينئذ أحسن اليه السلطان وسأله عن المكان الذى كان فيه ، فاعلمه بذلك ، فتعجب الجميع لهذه الآية ، لأن السلطان لشدة غضبه أسلم اخوته للموت بسببه وعلقهم فى التابوت ، وكان كثير من الناس يظنون ان الصاحب المذكور لن يقدر على مقابلة السلطان أبدا فلما ظفر بصلاة القديس ، ونال من السلطان هذه الرعاية الحسنة تعجب الجميع ومجدوا الله فى قديسيه. فليتمجد اسم الرب .
- كان للصاحب كريم الدين السالف ذكره زوجة مسيحية ، ولم يكن بمنزله مسيحى سواها فلما هرب الى الدير دب الخوف بين اهل بيته لذا خاف الصاحب خوفا شديدا من اجل تلك المرآة ، فلما علم القديس فكره ، قال له لا تخف هوذا إمرآتك المسيحية كانت راقدة امامى الآن ، وقد غطيتها بالثوب الذى املكه ، فلما سمع الصاحب كلام القديس تعجب واحتار حتى وافى الخبر أنه فى اثناء هروب الصاحب المذكور الى الدير صدر الأمر بالقبض على اخوته وعائلته واهل بيته جميعا فدخل الجند والأعوان وقبضوا على جميع من فى البيت أنه فى اثناء هروب الصاحب المذكور الى الدير صدر الأمر بالقبض على اخوته وعائلته واهل بيته جميعا فدخل الجند والأعوان وقبضوا على جميع من فى البيت ما خلا تلك المرآة المسيحية فلقد اجتهدوا فى طلبها ولكن عبثا حاولوا فكانت هى وأخوها راقدين امامهم يغطيهما غطاء واحد لم ينظروا اليهما بل اخفاهما الرب عن اعينهم كقول القديس إذ سترهما بثوبه.
- قبض السلطان الظاهر برقوق على السعيد نصر الله البقرى ناظر الخواص وضربه ألف عصا فى يوم واحد حتى تمزق لحمه من الضرب ويئست الناس من حياته وكان للسعيد المذكور ثقة كبيرة فى الانبا مرقس وكانت عطاياه ورحمته للأديرة والمحتاجين ملحوظة ، لذا حزن الآباء الرهبان بسببه لما علموا بأمر عذابه وعاتبوا الانبا مرقس بسبب تخليه عنه فى الصلاة فأجابهم القديس:"يا أولادى لا تخافوا الآن لأن الذى حدث للسعيد نصر مشابه لما حدث للشهيد ابيما مع مخلصنا حيث سأله ثائلا يا أبيما لا تشك ولا تظن انى غائب بل آمن اننى لولا حضورى معك لخرجت روحك على الفور". لما سمع الاخوة كلام القديس تعزوا ثم عادوا يسألون عن امره مرة ثانية فأجابهم قائلا:"لقد كنت الآن مع السعيد نصر الله فى السجن بمصر وقبلا صدره وجروحه ثم انقذته من قوم كانوا محيطين به". وسرعان ما جاءت الاخبار بشأن خروج السعيد نصر الله من السجن وكان خلاصه عجيبا لذا دهش الجميع. ليتمجد اسم الله فى قديسيه.
- جاء تاج الدين بن كاتب طوغام الى القديس بسبب الضيق الذى اوقعه فيه المقدم سيف ، لان امرآة كاتب سعت به عند ذلك المقدم ، فأخذ جميع امواله وأراد قتله ، فلما قابل القديس طمآنه وقال له لا تخف يا هذا لأنك صرت رفيقنا ، فمطر السماء يهطل عليك ، فلما سمع الرجل كلام القديس تعزى ولكنه كان قلقا يخشى ان يقتله المقدم ، فلما علم القديس بالروح فكره ، أخذ للوقت كاس فضة مكسورة وقال :"قد قلت لك لا تخف وأعمل هذه الكأس للمذبح اولا واشكر الله على السلامة فعند ذهابك الى مصر سترى صنيع الله مع المقدم المرأة". ولقد تحقق الأمر فقد ماتت المرأة شر ميته ، وقتل المقدم وصودرت املاكه وعاد الرجل الى الأمير قرط للمباشرة ، وفاضت خيراته وعمل كثيرا للأنبا مرقس وقدم للمذبح من الكؤوس كثيرا وكانت صدقات الرجل وقرابينه تتردد فى كل وقت عند الانبا مرقس ولقد قبض السلطان على الأمير قرط وصادره ثم عاد ورضى عليه فأرسل الكاتب للقديس يستشيره فى المباشرة عند الامير المذكور أيضا فمنعه القديس من ذلك وقال له من قتل بالسيف يقتل ، فالأمير قتل بالسيف لذلك هو يقتل.
وهكذا تحققت نبؤة القديس إذ غضب السلطان على الأمير وأمر بتسميره. فليتمجد الله فى قديسيه.
- وقع سعد الدين الكاتب فى تجربة شديدة ، إذ ضايقه الأمير وطلب منه مبلغ مائة ألف درهم فعجز فتلمس الخلاص فلم يجد من يعزيه فقصد على الفور الأنبا مرقس فأمسك بيده وأسلمه لسيدتنا العذراء مريم ، وطيب قلبه وأرسله لعائلته الى مصر فألقى الله التحنن فى قلب السلطان الذى طلب رؤية الكاتب من الأمير نفسه ولقد دافع السلطان عن الكاتب إذ أمر بعدم مطالبته فخاف الأمير وعفا عن الكاتب وكتب له أمرا فى هذا الشأن فاطمأن لذا كان هذا الموضوع داعيا للتعجب. فليتمجد الله فى قديسيه.
- تنبأ القديس بشأن مرض أحد الاخوة بالدير ، فلما وقع الأخ فى ذل الضعف كانت عيناه فى شدة الآلام فكان يبكى على قدمى القديس . وفى أثناء ذلك دق ناقوس الصلاة فقال القديس قم وإذهب الى قلايتك لأننى ماض الى الكنيسة وإسأل ستنا العذراء من أجلك لكى تشفيك ولما مضى القديس الى البيعة ، ظفر الأخ بالشفاء إذ نزل من رأسه ومن فمه دم بصورة عجيبة. ونهض الأخ يسبح الله إذ وهب له الشفاء. ومجد الإخوة القديس . فليتمجد اسم الله فى قديسيه.
- قصد القديس ثقيل بأذنيه ، ثقيل السمع ، كثيرا ما قاسى من المرض ، فأمسك القديس بأذنيه أمام الإخوة ثم نفخ فيها ثلاث نفخات ، ورشمها بمثال الصليب ، فخرج على الفور من أذنيه ماء أصفر (مثل المدة) وشفى من المرض. فتعجب الحاضرون وقد فرح المريض وأخذ يسأل القديس مرة ثانية أن ينفخ له فى أذنه الأخرى ، فلم يفعل القديس بل أقنعه بما وهبه الله له من الشفاء والسمع لمنفعته ربح نفسه ، فمضى الرجل وهو يسبح الله ويكرم قديسيه . فليتمجد الله فى قديسيه .
- زار الشيخ مريض بالاستسقاء من أهل بياض. فأخذ الأب ماء قليلا صالحا وطينا من العين التى حفرها ودفع هذا الى المريض :"وقال له إمض الى بلدك وأنت تبرأ". فأخذ المستسقى الماء والطين وذهب الى بلده ، وفى الوقت الذى استعمل فيه المريض هذا الماء وهذا الطين برىء وفرح لشفائه . ثم زار القديس وظن أن الاخوة يعرفونه ، فلم يعرفه أحد انه ذلك المريض بالاستسقاء لذلك ظل ساكتا حتى جلس أمام القديس ، فقال له هذا الأب المبارك له :"أتعرف شيئا عن حال ذلك المستسقى الذى حضر الينا وقد تورم جسمه وفؤاده؟" فقال : "نعم أنا هو الذى وهبنى الله الشفاء على يدك يا أبى بصلواتك". فلما سمع الإخوة تعجبوا ومجدوا الله صانع العجائب على يد هذا الأب. فليتمجد الله فى قديسيه.
- حضر من أهل بياض جماعة لزيارة الدير والحصول على بركة الأنبا مرقس وعند عودتهم أمسك أبونا أنبا مرقس واحدا منهم ومنعه من المضى مع رفاقه ، ولما سمع رفقاؤه بذلك سألوا القديس أن يدعه ينطلق معهم فلم يمكنه من المضى معهم فتركوه ومضوا وهم لا يعملون ما هذا الأمر حتى وصلوا بلدهم حينئذ وجدوا جماعة كبيرة من الأعراب قد حضروا فى طلب هذا الرجل ، وأخر مسيحى من أهل بلده ليقتلوهما فلما لم يجدوا ذلك الرجل قتلوا رفيقه ورموه فى البحر ، وظلوا يترصدون نزول هذا من الدير ليقتلوه فلما نظروا رفيقه فأعلموهم أنه فى الدير وشرحوا قصة القديس لمنع الرجل وأمره له بعدم مبارحة الدير فتعجبوا ، وتعهدوا ألا يعودوا يسيئون الى ذلك الرجل إكراما للقديس. ومكث ذلك الرجل فى الدير حتى أرسله الأب ولم يكلمه أحد ، وكان يمجد لله ويخبر بهذه الأعجوبة لكل أحد. فليتمجد الله فى قديسيه.
- أتفق أن أخا راهبا (وقد ترهب بعد ترمله) كانت له إبنه قد اعتراها مرض البرص فقصد القديس الذى أعطاه ماء وطينا من عين الشفاء (التى حفرها بنفسه) وقال له إذهب واطلى جسد ابنتك ثم لازم ديرك فإن الإبن يدفن أباه والإبنه تدفن أباها .. فسافر الى بلده ووجد أباه قد مات ودفنه . أما ابنته ظلى جسدها بالطين وبرأت ولكنه توانى عن الرجوع للدير ومات ودفنته ابنته وتحقق كلام القديس.
- قصد الشيخ مريض بالجزام ، فأعطاه القديس ازارة وقال له إذهب الى بلدك وأنت تستريح وتجد بعد ذلك مغفرة لخطاياك .. فعمل الرجل ما قيل له وبرىء ولكن لم يشف تماما إذ شك فى قلبه وطرح الإزار جانبه فى مخزن كتان .. وبعد أيام وإذ بالمخزن يحترق فى جانب واحد أما الجانب الذى كان فيه الإزار لم تمسه النار .. فنظر الرجل وتعجب فأخذ الإزار وطرحه على جسده ليكتمل شفاؤه ولكن حانت ساعته فطلب أن يكفن بالإزار وقد وجد مغفرة خطاياه بعد توبتهعما سبق وفعله فى بادىء الأمر . فليتمجد الله فى قديسيه.
- كان هناك رئيس للدير اسمه القس حديد ، هذا القس كان قد أحضر قافلة يوم أحد وقد ألزم الرهبان بحملها ولكن الشيخ القديس إمتنع عن العمل إتماما للوصية وقال لرئيسه
لأن الرئيس كان قد خاصمه):"مابالك لا تكف عن شرك وتذهب تسأل المسيح له المجد أن يميتك نصرانيا ، لأنك لو عرفت الحزن الموضوع امامك بسبب المخالفة لبكيت منذ الآن وطرحت عمامتك). وهكذا مرت أيام قليلة إذ خرج القس عن الايمان فوقع بلسانه فى تجربة صعبة. حزن الشيخ وصلى من أجله حتى أرجعه الرب ، أما القس فقد قدم توبة وكان يطرح عمامته أمامه ويبكى وظل راهبا على حاله بعد التأديب (ملاحظة: كانوا فى زمانه يعرفون القبط من لون عمامتهم).
- كان انسان علمانى ارتد عن الايمان اسمه عبيد النجار فلما نظره الشيخ حزينا باكيا أخذ عمامته المغبرة وصبغها باللون الأزرق (كانوا يعرفون القبط من لون عمامتهم) وقال له:"إذهب الى بلدك ولا تخف لأن الرب معك). وهكذا لبس عمامته وقد محا الكتاب الذى سجل فيه الانكار وكتب كتابا سجل فيه أنه نصرانى.. فليتمجد الله فى قديسيه.
- ظل ثلاثة زوار طريقهم الى البرية وقد يأسوا فحفروا لأنفسهم قبورا فى الرمل وإذا بغراب فى وسطهم فأحسوا أنه مبعوث اليهم من قبل الله فساروا فى أثره وأوصلهم الغراب الى الدير فوجدوا القديس قائما على سور الدير يؤمن بيده يمينا وشمالا وكان الإخوة متعجبين لعمله الى حين وصول الثلاثة زوار – الذين قصوا ما حدث فأجابهم الشيخ:" هل يا أولادى إذا صنع أحد مع أحد رحمة فهل يرجمه ويكسر رجله". لأنهم فى بادىء الأمر ظنوا بالغراب انه شارد ورموه بحجارة لينصرف عنهم ، وقد تعجبوا جدا لمعرفة الشيخ لهذه الحادثة. فليتمجد إسم الله فى قديسيه.
- إنكسرت سفينه تحت الجبل المعروف بإسم ابى فودة (وهو جبل فيه هويس بالصعيد وفيه تغرق المراكب بعض الأوقات) وكان فى المركب علمانى اسمه يوحنا من أولاد الشيخ فطلب نجدة القديس فرآه لوقته على الجبل يشير بطرف ثوبه نحو المراكب حتى هبت ريح من الجنوب ودفعت المركب الى البر مما أدهش الملاحين .. فلما عاد الرجل قصد الدير وهناك قال له الشيخ :"أشكر الله يا ولدى على السلامة لأننى منذ أيام رأيتك فى شدة تحت جبل فودة وأنا أومىء إليك من فوق الجبل حتى نظرتك وقد أنقذك الله من الشدة". فتعجب الرجل ومجد الله فى قديسيه.
- فى عام 1090ش وقع غلاء على مصر وظل الإخوة أياما لا يجدون ما يرفعون من القربان ولا يأكلون سوى الترمس ولما قال لهم الشيخ:"إحترسوا اليوم لتناول القربان لإنى رأيت فى الليل انسانا قد دفع لكم دقيقا وقد رفعتموه قربانا على المذبح المقدس" وهكذا لم ينقضى الكثير حتى اقبل انسان ومعه قافلة الى الدير ومعه ما يكفيهم من الدقيق فرفعوا القربان وتناولوا. فليتمجد الله فى قديسيه.
- حدث ان راهبين سافرا الى الحبشة وعند عودتهما انفرد بهما الجمالة ليقتلوهما أما هما فطلب احدهم المعونة من الشهيد مرقوريوس والأخر طلب صلاة القديس عنه وقد نجيا بتدبير الهى إذ عبر عليهما تجار فى الطريق وأحضروهما وأنقذوهما. وفى الدير سجدا امام الشيخ وقصوا له ما جرى. فأجاب:"من كنت أنا ياأولادى حتى تضربا لى المطانية إذهبا وإضربا المطانية أمام صورة الشهيد مرقوريوس الذى سمعكما من البلاد وصحبكما حتى أوصلكما الى الدير سالمين". فلما سمعا الكلام تعجبوا من بصيرته إذ كيف له أن يعرف أنهم طلبوا فى صلاته وقد سمع صوتهم ساعة ضيقتهم. فليتمجد الله فى قديسيه.
- إنسان من اهل قمن العروس خرج عن الايمان بسبب تجربة ودين كان عليه عرض الأمر على القديس الذى اعلمه أنه سيعود ويترهب ولكن لما طال الوقت وهو مودع السجن شك :"أين كلام الشيخ الذى قال لى إنى سأعود وأترهب". وفيما هو نائم ابصر الذى دعاه :"ياجرجس قم واتبعنى". ثم امسك بيده وأخرجه خارج السجن فلما فاق وجده نفسه على حاله كما هو ... ولكن فى الصباح أتى أصحاب الدين وأطلقوه دون سؤاله وتركوه فترهب. فليتمجد الله فى قديسيه.
- إنسان مرتد من اهل طنان اسمه فريج ، كان يلبس على رأسه العمامة السوداء (علامة على أنه لم يعد نصرانيا) هذا امره الشيخ ان يعود الى بلده ولا يخشى سوء بعد ان وضع له شاشا ازرق على رأسه (لون عمامة القبط وقتذاك) فقال الرجل يا أبى:"أنا خائف أن ألبس هذا فعند عودتى الى بلدتى يقبص على الذين أخرجونى من الايمان". فطمآنه الشيخ وشجعه حتى ان نعمة الله فد حركته ودفعته لينال اكليل الشهادة. فليتمجد الله فى قديسيه.
- زار أحد رهبان دير يحنس كاما (السريان) الشيخ وكان كلما قصد رجوع ديره ولا يسمح له من قبل اخوته ، اما الشيخ فطلب اليهم قائلا:"دعوه يمضى الى ديره فإن أباه الراهب قائم يطلبه من ستنا العذراء وقتا طويلا". وهكذا عاد الراهب الى ديره فوجد أباه يطلبه كما قال له القديس. فليتمجد الله فى قديسيه.
- غضب الأنبا متاؤوس (87) على راهب يسمى يعقوب القليوبى فقصد الشيخ الذى دفع اليه بقربانة وانتهره قائلا :"الى متى تطلب منى أن أعطيك إشارة الى أبينا متى". وقد وصل البطريرك فى هذه الساعة الى الدير ويومها كرس البطريرك كنيسة الفتية الثلاثة داخل البستان فى يوم سبت لعازر وقد قال له الشيخ :"إذهب يا أبانا ولا تخف فإن السيد المسيح عمل لك السماء أرضا والأرض سماء". أما بخصوص يعقوب القليوبى فقد اصلح بينه وبين البابا. فليتمجد الله فى قديسيه.